عنوان المقال: اللغة العربية لغة العصر
إذا ما انطلقنا من الآراء السائدة حاليا في بعض الأوطان العربية، وكذا في بعض الانطباعات النمطية الموجودة في أذهان بعض الأفراد، حول علمية اللغة العربية وقدرتها على نقل العلوم والمعارف الجديدة نجدها وبطريقة مباشرة، تجعل اللغة العربية في وضع اتهام وتبخيس إن صح هذا التعبير، فلطالما تم اتهامها بالقصور والضعف بالإضافة إلى عدم المسايرة والمواكبة للمستجدات الحاصلة في المجتمع من جهة، وفي العلم والتقنية من جهة أخرى، ويمكننا أن نرجع هذا كله إلى حصر اللغة العربية في الجانب الديني، إذ يتم اعتبارها لغة دينية تستعمل للممارسات الدينية لا غير.
إلا أن العربية أثبتت العكس، وبرهنت عن قدرتها وقوتها في مواكبة التطورات الحاصلة في مختلف مناحي الحياة بدون عجز أو ضعف في ذلك كغيرها من اللغات العالمية المعروفة، ولعل جائحة كورونا خير دليل على ذلك، وهذا راجع بالأساس إلى ما تتوفر عليه من مبادئ وآليات (الاشتقاق، التعريب، النحت...) تتيح لها إمكانية توفير المفردات، وذلك عبر خلقها وتحديثها، من أجل تكييفها مع التطورات الحاصلة في الحياة وفي العلوم...
عموما، لا يسعنا سوى الإقرار بأن اللغة العربية هي لغة حية ومواكبة وليست قاصرة كما يزعم البعض، لأنها تتوفر على مجموعة من الإمكانات والطرق التي تجعلها كذلك، وتتيح لها إمكانية توفير الألفاظ وتجديدها بناء على حاجة متكلميها من جهة، وما يفرضه العصر من مستجدات طارئة من جهة ثانية، وما ندعم به فكرتنا القائلة بأن العربية ليست قاصرة هو اعتمادها في وصف الأخبار والمعلومات الدقيقة في القنوات التي لا تبث من بلاد أو بلدان عربية ناطقة بها مثل (CCTV, France24, BBC …) وبهذا لا يكون القصور كائنا في اللغة نفسها بل هو كائن في أهلها ومتكلميها.
كاتب المقال:
أنس ملموس، باحث في اللسانيات التطبيقية، المملكة المغربية