المركز الأكاديمي | |
للمؤتمرات والنشر العلمي |
عنوان المقال: اللغة العربية بين الاهتمام الدولي والتهميش العربي
أصبح معروفا لدى العلماء والمفكرين
والباحثين في اللغات، أن اللغة العربية من أكثر اللغات الطبيعية عراقة وقابلية
للتطور، لما تتميز به من تراث زاخر بالعلوم والآداب والفنون...، بل إن روح الحضارة
الغربية الحديثة مستمدة من تراث هذه اللغة عن طريق الترجمة.
فاللغة العربية لها من المقومات
الحضارية والعلمية واللسانية والاجتماعية ما يجعلها لغة خالدة ومستمرة في الزمن
والمكان إلى الأبد، فهي لغة القرآن الكريم؛ التي بقيت ثابتة وصامدة منذ ما
يزيد عن أربعة عشر قرنا، وهي اللغة الوحيدة التي اختصت بحرف الضاد، واللغة الرابعة
الأكثر انتشارا في العالم، واللغة الرسمية ل22 دولة
عربية، ويتحدث بها ما يقارب450 مليون نسمة، وهي
اللغة الأولى في العالم من حيث عدد الكلمات ( مايقارب 12.5 مليون كلمة)
والجذور(16 ألف جذر لغوي)، كما
أن حروفها تكتب بها لغات عدة كاللغة الكردية واللغة الفارسية واللغة
المالايوية واللغة التركية سابقا.
ففي الوقت الذي يزداد فيه اهتمام
الدول والمواطنين في مختلف دول العالم على تعلم اللغة العربية لأغراض دينية أو
اقتصادية أو تواصلية...، حيث ارتفع عدد مؤسسات تعليم اللغة العربية للناطقين
بغيرها، سواء في الدول العربية أو في دول أوروبا وآسيا وأمريكا. نلاحظ أن
اللغة العربية في بلدانها تعاني التهميش والإقصاء في المؤسسات الإدارية
والاقتصادية والجامعات وخاصة في التخصصات العلمية والتقنية، حيث تهيمن اللغة
الفرنسية في دول شمال إفريقيا، واللغة الانجليزية في دول الخليج العربي ومصر
والعراق.
إن الطابع الوطني والرسمي للغة
العربية، لم يشفع لها لدى صناع القرار السياسي والتعليمي ليجعلوها لغة
الإدارة والاقتصاد والتعليم ... كما هو شان كل اللغات الوطنية في كل دول العالم،
رغم مكانتها ودورها الحضاري والعلمي والأدبي والفني في تاريخ الأمة والإنسانية.
وما يزيد وضع اللغة العربية صعوبة في
بلداننا العربية ومنها المغرب هو التراجع عن قرار التعريب الذي اتخذته حكومات ما
بعد الاستقلال كمبدإ من المبادئ الأساسية المؤطرة لإصلاح التعليم (المغربة،
التوحيد، التعريب، التعميم) والعودة إلى تدريس المواد العلمية في التعليمين
الثانوي والإعدادي فضلا عن التعليم الجامعي، في أفق الفرنسة الشاملة، لتصبح اللغة
الفرنسية لغة التدريس الأساسية في كل التخصصات، بينما تتحول اللغة العربية إلى لغة
مدرسة كما هو حال اللغات الأجنبية في كل الدول.
كاتب المقال: د. بوجمعة وعلي - أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين - بني ملال خنيفرة - المغرب